كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



تَبَيَّنَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِشَاعَاتِ الَّتِي تُبْنَى عَلَى تَخَيُّلِ بَعْضِ النَّاسِ كَثِيرَةٌ تَقَعُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَيَنْخَدِعُ بِهَا الْعُلَمَاءُ كَالْعَوَامِّ، وَإِنَّمَا بَيَّنَ غُوسْتَافُ لُوبُونْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَى سُنَنِ الِاجْتِمَاعِ، وَلَيْسَتْ مِمَّا يُجْهَلُ تَعْلِيلُهُ مِنَ الْفَلَتَاتِ وَالشَّوَاذِّ، وَإِنَّنَا بَعْدَ كِتَابَةِ مَا تَقَدَّمَ بِأَيَّامٍ جَاءَتْنَا مَجَلَّةُ الْمُقْتَطَفِ (الصَّادِرَةُ فِي 23 مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذَا الْعَامِ 1331) فَقَرَأْنَا فِي مَقَالَةٍ فِيهَا عُنْوَانُهَا (مُنَاجَاةُ الْأَرْوَاحِ وَالْبَحْثُ فِي النَّفْسِ): أَنَّ أَرْبَعَةً مِنْ عُلَمَاءِ الْإِنْجِلِيزِ وَكِبَارِ عُقَلَائِهِمُ الثِّقَاتِ شَاهَدُوا وَاقِعَةً مِنْ وَقَائِعِ مُسْتَحْضِرِي الْأَرْوَاحِ، احْتَاطُوا فِيهَا أَشَدَّ الِاحْتِيَاطِ؛ لِئَلَّا تَكُونَ غِشًّا أَوْ شَعْوَذَةً، وَكَانَ الْوَسِيطُ فِيهَا- أَيِ الَّذِي يَسْتَحْضِرُ الرُّوحَ- رَجُلًا اسْمُهُ (مِسْتَرْ هُومْ) وَقَدْ شَهِدَ أُولَئِكَ الْعُلَمَاءُ الثِّقَاتُ أَنَّهُمْ شَاهَدُوا الرُّوحَ الْمُسْتَحْضَرَ فَخَاطَبَ كُلًّا مِنْهُمْ بِاسْمِهِ، وَأَجَابَهُ عَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ وَأَنَّ أَحَدَهُمْ سَأَلَهُ: أَلَكَ جِسْمٌ حَقِيقِيٌّ أَمْ أَنْتَ خَيَالٌ؟ فَقَالَ: إِنَّ جِسْمِي أَقْوَى مِنْ جِسْمِكَ، فَامْتَحَنَهُ بِوَضْعِ أُصْبُعِهِ فِي فِيهِ فَأَلْفَاهُ حَارًّا، وَأَسْنَانُهُ صُلْبَةٌ حَادَّةٌ، وَعَضَّهُ عَضَّةً صَرَخَ مِنْ أَلَمِهَا.
قَالَ الْمُقْتَطَفُ بَعْدَ ذِكْرِ الْوَاقِعَةِ: إِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ شَعْوَذَةً مِنْ (مِسْتَرْ هُومْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ الْعُلَمَاءُ قَدْ رَبَطُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِأَسْلَاكٍ مِنَ النُّحَاسِ إِلَى كُرْسِيٍّ مُتَّصِلٍ بِالْمَوْقِدِ مُوَثَّقًا بِذَلِكَ الرِّبَاطِ، وَلَحَمُوا الْأَسْلَاكَ بِلِحَامٍ مَعْدِنِيٍّ، وَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِقُوَّةٍ بَشَرِيَّةٍ أَنْ تُزِيحَهُ مِنْ مَكَانِهِ مَا لَمْ تُقْطَعِ الْأَسْلَاكُ الْمَعْدِنِيَّةُ، ثُمَّ رَأَوْهُ بَعْدَ مُشَاهَدَةِ الْوَاقِعَةِ كَمَا تَرَكُوهُ فِي قُيُودِهِ وَأَغْلَالِهِ.
(ثُمَّ قَالَ الْمُقْتَطَفُ وَهُوَ مَحِلُّ الشَّاهِدِ): وَإِذَا لَمْ يَكُنْ (هُومْ) قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَلَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ كُوكَسْ وَكْرُوكَسْ وَغِلْتُونْ قَدْ خُدِعُوا كُلُّهُمْ فَرَأَوْا مَا لَا يُرَى وَسَمِعُوا مَا لَا يُسْمَعُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَفْعَلَ بَعْضُ النَّاسِ أَفْعَالًا خَارِقَةً، لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرُهُمْ فِعْلَهَا، يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَيَّلَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ وَيَسْمَعُونَ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ، كَيْفَ لَا؟ وَالنَّائِمُ وَالْحَادِسُ يَرَيَانِ وَيَسْمَعَانِ مَا لَا وُجُودَ لَهُ.
أَقُولُ: فَإِذَا جَازَ فِي رَأْيِ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ وَفَلَاسِفَتِهِ أَنْ يَنْخَدِعَ الْعُلَمَاءُ الطَّبِيعِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ بِالتَّخَيُّلِ، فَكَيْفَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْخَدِعَ بِهِ مِثْلُ مَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ الْعَصَبِيَّةِ (الْهِسْتِيرِيَّةِ) وَتُومَا وَإِخْوَانِهِ مِنْ صَيَّادِي السَّمَكِ! وَإِذَا جَازَ أَنْ يَتَخَيَّلَ ضُبَّاطُ الْمُدَرَّعَةِ (بِيلْ بُولْ) وَعَسْكَرُهَا وَبَحَّارَتُهَا زَوْرَقًا يُسَاوِرُهُ الْغَرَقُ، فَيَجْزِمُونَ بِأَنَّهُمْ رَأَوْهُ بِأَعْيُنِهِمْ، وَهُوَ مُكْتَظٌّ بِالْمُسْتَنْجِدِينَ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَهُمْ يَرَوْنَ أَيْدِيَهُمْ تُومِئُ وَتُشِيرُ، وَيَسْمَعُونَ جَلَبَتَهُمْ بِالصِّيَاحِ وَالضَّجِيجِ، وَإِذَا جَازَ أَيْضًا أَنْ يَتَخَيَّلَ جَمَاهِيرُ الصَّلِيبِيِّينَ الْقِدِّيسَ جُورْجَ فَوْقَ أَسْوَارِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ؛ فَيَظُنُّوا أَنَّهُمْ رَأَوْهُ حَقِيقَةً، فَلِمَاذَا لَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا التَّخَيُّلِ فِي أُولَئِكَ الْأَفْرَادِ الَّذِينَ نُقِلَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ رَأَوُا الْمَسِيحَ بَعْدَ حَادِثَةِ الصَّلْبِ، إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ عَلَى انْقِطَاعِ سَنَدِهَا؟ وَإِذَا جَازَ أَنْ يَجْزِمَ بِضْعَةُ عَشَرَ شَاهِدًا فِي الْبِنْتَيْنِ اللَّتَيْنِ غَرِقَتَا فِي نَهْرِ السِّينِ جَزْمًا مَبْنِيًّا عَلَى مَا شُبِّهَ لَهُمْ، فَلِمَاذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْزِمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي يَهُوذَا الَّذِي كَانَ يُشْبِهُ الْمَسِيحَ مَنْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الْمَسِيحَ؟!
وَقَعَ فِي عَصْرِنَا هَذَا وَاقِعَتَانِ مِنْ قَبِيلِ مَسْأَلَةِ رُؤْيَةِ الْمَسِيحِ، وَرُؤْيَةِ الْقِدِّيسِ جُورْجَ (إِحْدَاهُمَا): وَقَعَتْ فِي الشَّامِ مُنْذُ سِنِينَ؛ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا اسْمُهُ عَلِي رَاغِب اشْتَغَلَ بِالتَّصَوُّفِ وَالرِّيَاضَةِ فَغَلَبَتْ عَلَيْهِ الْخَيَالَاتُ فَكَانَ إِذَا تَخَيَّلَ شَيْئًا مُهِمًّا عِنْدَهُ يَتَمَثَّلُ لَهُ، كَأَنَّهُ حَاضِرٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدِ اشْتَغَلَ زَمَنًا بِقِرَاءَةِ الْأَنَاجِيلِ حَتَّى كَانَ يَحْفَظُ مِنْهَا مَا لَا يَكَادُ يَحْفَظُهُ أَحَدٌ مِنَ النَّصَارَى، ثُمَّ إِنَّهُ عَاشَرَ بَعْضَ النَّصَارَى فِي دِمَشْقَ حَتَّى كَانَ يَحْضُرُ كَنَائِسَهُمْ، فَكَثُرَ تَخَيُّلُهُ لِقِصَّةِ الصَّلْبِ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الْأَنَاجِيلِ فَرَأَى الْمَسِيحَ مَرَّةً مُتَمَثِّلًا أَمَامَهُ بِالصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا عِنْدَ الصَّلْبِ، وَرَأَى أَثَرَ الْمَسَامِيرِ فِي يَدَيْهِ، فَاعْتَقَدَ أَنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَةَ حِسِّيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَخَطَبَ فِي النَّصَارَى بِذَلِكَ، فَصَدَّقُوهُ وَقَالُوا إِنَّهُ قِدِّيسٌ، وَشَاعَتِ الْمَسْأَلَةُ وَلَغَطَ النَّاسُ بِهَا، ثُمَّ الْتَقَى الشَّيْخُ طَاهِرٌ الْجَزَائِرِيُّ بِالشَّيْخِ رَاغِبٍ هَذَا، وَتَحَدَّثَا فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَمْ يَفْجَأْهُ الشَّيْخُ طَاهِرُ بِالتَّخْطِئَةِ، بَلْ شَغَلَ بَالَهُ وَخَيَالَهُ بِآيَاتِ الْمَسِيحِ، وَبِمَا كَانَ لَهُ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى الظُّهُورِ بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ (كَمَا ذَكَرُوا فِي الْإِنْجِيلِ) وَانْتَقَلَ مِنْ هَذَا إِلَى مَسْأَلَةِ إِلْقَاءِ شَبَهِهِ عَلَى يَهُوذَا، وَمَا بَيَّنَهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ التَّشْبِيهِ لَهُمْ، فَمَا زَالَ يُحَدِّثُهُ بِمِثْلِ هَذَا حَتَّى ذَهَبَ، وَلِقِصَّةِ الصَّلْبِ فِي خَيَالِهِ صُورَةٌ أُخْرَى، فَرَأَى الْمَسِيحَ مُتَمَثِّلًا أَمَامَهُ، وَلَيْسَ فِي يَدَيْهِ وَلَا غَيْرِهَا أَثَرٌ لِلصَّلْبِ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَقِيقَةِ مَسْأَلَةِ الصَّلْبِ فَقَالَ لَهُ: أَلْقَيْتُ عَلَى يَهُوذَا صُورَةً مِنْ صُوَرِي فَأَخَذُوهُ وَصَلَبُوهُ، فَذَهَبَ الشَّيْخُ رَاغِبٌ وَخَطَبَ فِي النَّصَارَى بِهَذِهِ الرُّؤْيَةِ فَنَبَذُوهُ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ مَجْنُونٌ. فَهَذِهِ الرُّؤْيَةُ تُشْبِهُ رُؤْيَةَ تُومَا لِلْمَسِيحِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَأَمَّا الْوَاقِعَةُ الثَّانِيَةُ: فَهِيَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ تَخَيَّلَ أَنَّ الشَّيْخَ الْمَتْبُولِيَّ خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ الْمَعْرُوفِ بِجِوَارِ مَحَطَّةِ مِصْرَ، وَوَقَفَ عَلَى قُبَّتِهِ، ثُمَّ طَارَ فِي الْهَوَاءِ، وَنَزَلَ عَلَى الْكَنِيسَةِ الْجَدِيدَةِ الَّتِي يُنْشِئُهَا الْيُونَانِيُّونَ، وَلَمَّا شَاعَ هَذَا الْخَبَرُ فِي الْقَاهِرَةِ، اجْتَمَعَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ عِنْدَ الْكَنِيسَةِ، وَصَارُوا يَهْتِفُونَ بِاسْمِ الْمَتْبُولِيِّ، فَفَرَّقَتْهُمُ الشُّرْطَةُ وَالشَّحْنَةُ بِالْقُوَّةِ، وَادَّعَى كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ رَأَوُا الْمَتْبُولِيَّ فِيهَا. وَرَوَتْ بَعْضُ الْجَرَائِدِ الْيَوْمِيَّةِ أَنَّ مَجْذُوبًا مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِينَ قَالَ: أَنَا الْمَتْبُولِيُّ، فَصَدَّقَهُ النَّاسُ، وَصَارُوا يَتَبَرَّكُونَ بِهِ. وَلَوْلَا حَزْمُ الْحُكُومَةِ لَحَدَثَ بَيْنَ عَوَامِّ الْمِصْرِيِّينَ وَالْيُونَانِيِّينَ مِنْ جَرَّاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِتَنٌ سُفِكَتْ فِيهَا الدِّمَاءُ، وَلَكِنَّ الْحُكُومَةَ تَدَارَكَتْ ذَلِكَ، وَفَرَّقَتْ شَمْلَ الْجَمَاهِيرِ، وَقَبَضَتْ عَلَى بَعْضِهِمْ وَحَبَسَتْهُمْ.
هَذَا، وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ يُنَاجُونَ الْأَرْوَاحَ يَرَوْنَ الْمَسِيحَ وَأُمَّهُ كَثِيرًا، وَقَدْ تَعَرَّفَ إِلَيَّ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْمَظَاهِرِ الدُّنْيَوِيَّةِ، يُخْفِي تَصَوُّفَهُ عَنْ أَقْرَانِهِ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يَرَى أَرْوَاحَ الْأَنْبِيَاءِ، وَيَتَلَقَّى عَنْهُمْ عُلُومًا يَكْتُبُهَا بِالْعَرَبِيَّةِ، وَأَنَّهُ رَأَى عِيسَى وَمَرْيَمَ- عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- مِرَارًا وَتَلَقَّى عَنْهُمَا، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ مَرْيَمَ عَنْ تَمَثُّلِ الْمَلَكِ لَهَا وَنَفْخِهِ فِيهَا، فَأَجَابَتْهُ عَنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ نَحْوُ مَا يَحْصُلُ بِالزَّوَاجِ مِنَ التَّلْقِيحِ، وَسَأَلْتُهُ أَنَا عَنِ اسْتِحْضَارِ الْأَرْوَاحِ الَّذِي نَسْمَعُهُ عَنِ الْإِفْرِنْجِ، هَلْ هُوَ مِثْلُ مَا يَذْكُرُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَيُؤْثَرُ عَنِ الصُّوفِيَّةِ مِنْ قَبْلِهِ؟ فَقَالَ: إِنَّ بَعْضَهُ حِيَلٌ، وَبَعْضَهُ لَهُ أَصْلٌ دُونَ مَا عِنْدَنَا وَأَبْعَدُ عَنْهُ بِمَرَاحِلَ. وَأَنَا لَا أَتَّهِمُ هَذَا الرَّجُلَ بِالْكَذِبِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا أَتَّهِمُ الْإِمَامَ الْغَزَالِيَّ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا أَقُولُ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الرُّؤْيَةُ خَيَالِيَّةً أَيْضًا كَرُؤْيَةِ الشَّيْخِ رَاغِبٍ فَهِيَ تُؤَكِّدُ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ جَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى جَمَاعَةِ الْمَسِيحِ، وَإِنْ كَانَتْ حَقِيقِيَّةً- وَهِيَ وَلَا شَكَّ أَعْلَى وَأَكْمَلُ مِمَّا يُثْبِتُهُ الْكَثِيرُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْإِفْرِنْجِ- فَهِيَ مُصَدِّقَةٌ لِخَبَرِ الْقُرْآنِ فِي قِصَّةِ الْمَسِيحِ وَنَاقِضَةٌ لِتِلْكَ الْعَقِيدَةِ الْخَيَالِيَّةِ، الْمُقَرَّرِ مِثْلُهَا عِنْدَ الْأُمَمِ الْوَثَنِيَّةِ.
حَاصِلُ الْمَبَاحِثِ وَالشَّكِّ فِي وُجُودِ الْمَسِيحِ: حَاصِلُ هَذِهِ الْمَبَاحِثِ: أَنَّ قِصَّةَ الصَّلْبِ لَيْسَ لَهَا سَنَدٌ مُتَّصِلٌ إِلَى الْأَفْرَادِ الَّذِينَ رُوِيَتْ عَنْهُمْ، وَأُولَئِكَ الْأَفْرَادُ الَّذِينَ رَوَوْهَا غَيْرُ مَعْرُوفِينَ مَعْرِفَةً يَقِينِيَّةً، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْفَرَنْسِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي أَلَّفَهَا عُلَمَاءُ أُورُبَّةَ الْأَحْرَارُ، وَأَنَّ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ تِلْكَ الرِّوَايَاتِ الْمُنْقَطِعَةِ الْإِسْنَادِ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ وَضَعَ هَذِهِ الْعَقِيدَةَ النَّصْرَانِيَّةَ الْمَعْرُوفَةَ الْآنَ هُوَ بُولِسِ الْيَهُودِيُّ الَّذِي كَانَ أَشَدَّ أَعْدَاءِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَلَدَّ خُصُومِ أَتْبَاعِهِ خِصَامًا، ثُمَّ رَأَى أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ نِكَايَتِهِمْ، وَإِفْسَادِ أَمْرِهِمْ إِلَّا بِدُخُولِهِ فِيهِمْ، فَفَعَلَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِ الصَّلْبِ، وَرُؤْيَةِ الْمَسِيحِ بَعْدَهُ، فَالَّذِي يَقْرُبُ مِنَ الْمَعْقُولِ فِي تَصْوِيرِهِ هُوَ مَا بَيَّنَّاهُ.
وَلَا يَرُوعَنَّ الْقَارِئَ الْمُسْتَقِلَّ الْفِكْرِ هَذِهِ الشُّهْرَةُ الْمُنْتَشِرَةُ بِانْتِشَارِ النَّصَارَى فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَمَا لَهُمْ فِيهَا مِنَ الْقُوَّةِ وَالْأَيْدِ، فَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ فِي إِثْبَاتِ الْوَقَائِعِ وَالْحَوَادِثِ كَوْنَهُ فِي زَمَنِ وُقُوعِهَا، كَمَا ثَبَتَ الْقُرْآنُ الْمَجِيدُ فِي زَمَنِ نُزُولِهِ حِفْظًا وَكِتَابَةً، أَلَمْ تَرَ أَنَّ هَذِهِ الشُّهْرَةَ الْمُنْتَشِرَةَ لِلْمَسِيحِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمْ تَمْنَعْ بَعْضَ عُلَمَاءِ أُورُبَّةَ الْأَحْرَارِ مِنَ الشَّكِّ فِي وُجُودِهِ نَفْسِهِ، وَلَا مِنْ تَرْجِيحِ كَوْنِ قِصَّتِهِ خَيَالِيَّةً، لَا حَادِثَ الصَّلْبِ وَالْقِيَامِ مِنْهَا فَحَسْبُ، كَمَا أَنَّ بَعْضَهُمْ يَرَى مِثْلَ هَذَا الرَّأْيِ فِي بَعْضِ آلِهَةِ الْوَثَنِيِّينَ، وَفِي (هُومِيروُسَ) شَاعِرِ الْيُونَانِ الَّذِي تُضْرَبُ بِشِعْرِهِ الْأَمْثَالُ، فَهُوَ أَشْهَرُ رَجُلٍ فِي تَارِيخِ أُمَّتِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَشْهَرِ تَوَارِيخِ الْأُمَمِ الْغَابِرَةِ، وَمَثَلُهُ فِي تَارِيخِ أُمَّتِنَا الْعَرَبِيَّةِ قَيْسٌ الْعَامِرِيُّ الشَّهِيرُ بِمَجْنُونِ لَيْلَى. ذَكَرَ فِي (الْأَغَانِي) رِوَايَاتٍ عَنْ بَنِي عَامِرٍ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَهُمْ، وَأَنَّهُ قِيلَ: إِنَّ الشِّعْرَ الَّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ هُوَ لِبَعْضِ كُبَرَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ، عَزَاهُ إِلَى مَجْهُولٍ تَسَتُّرًا بِعِشْقِهِ.
مِثْلُ هَذَا فِي التَّارِيخِ كَثِيرٌ، فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ عَقْلًا، وَلَكِنَّنَا نَحْنُ الْمُسْلِمِينَ نُؤْمِنُ بِالْمَسِيحِ لَا لِذِكْرِهِ فِي أَنَاجِيلِهِمْ، وَكُتُبِهِمْ، فَكَمْ فِي الْكُتُبِ مِنْ قِصَصٍ خَيَالِيَّةٍ مِثْلَ قِصَّتِهِ، بَلْ لِأَنَّ الْقُرْآنَ أَثْبَتَ وُجُودَهُ وَنُبُوَّتَهُ، وَالْقُرْآنُ ثَابِتٌ عِنْدَنَا قَطْعًا، فَنُؤْمِنُ بِكُلِّ مَا أَثْبَتَهُ. وَإِنَّ لِي كَلِمَةً قَدِيمَةً أَذْكُرُهَا فِي هَذَا السِّيَاقِ الَّذِي لَمْ أَتَوَسَّعْ فِيهِ، إِلَّا لِرَدِّ هَجَمَاتِ دُعَاةِ النَّصْرَانِيَّةِ الَّذِينَ أَسْرَفُوا فِي الطَّعْنِ فِي الْإِسْلَامِ، وَهِيَ: إِنَّ إِثْبَاتَ الْقُرْآنِ لِلْمَسِيحِ هُوَ أَقْوَى حُجَّةٍ عَلَى مُنْكِرِي آيَاتِ الْمَسِيحِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَقْوَى شُبْهَةٍ عَلَى الْقُرْآنِ، فَإِنَّ الشُّبَهَاتِ الَّتِي يُورِدُهَا الْمَلَاحِدَةُ وَالْعَقْلِيُّونَ مِنَ النَّصَارَى وَأَمْثَالِهِمْ عَلَى إِثْبَاتِهِ كَوْنُ الْمَسِيحِ وَأُمِّهِ آيَةً، وَأَنَّ اللهَ آتَاهُ آيَاتٍ أُخْرَى- هِيَ أَقْوَى الشُّبَهَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقُرْآنِ، وَلَكِنَّ رَدَّهَا سَهْلٌ عَلَى قَاعِدَةِ الْإِيمَانِ بِقُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى وَتَصَرُّفِهِ فِي خَلْقِهِ كَمَا يَشَاءُ. وَمِنْ آيَاتِ كَوْنِ الْقُرْآنِ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى عَدَمُ مُوَافَقَتِهِ لِلنَّصَارَى فِي رِوَايَاتِهِمْ فِي الصَّلْبِ وَالتَّثْلِيثِ، وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
الْجَمْعُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ:
إِنَّ تِلْكَ الْأَقْوَالَ الْمَعْرُوفَةَ، عِنْدَ النَّصَارَى، دَفَعَتْ بَعْضَ الرَّاغِبِينَ فِي التَّأْلِيفِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْأَنَاجِيلِ بِنَوْعٍ مِنَ التَّأْوِيلِ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ الْقُرْآنِ: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [4: 157] يُشْعِرُ بِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ مَا هُوَ مَظِنَّةُ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِهِ، وَوَسِيلَةٌ مِنْ وَسَائِلِهِ، وَهُوَ ذَلِكَ التَّعْلِيقُ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّذِي كَانَ بِدُونِ كَسْرِ عَظْمٍ، وَلَا إِصَابَةِ عُضْوٍ رَئِيسِيٍّ، وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ صَلْبًا. وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [4: 157] وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ، وَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ هُوَ الْأَقْرَبُ.
وَمِمَّنْ وَلِعَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ النَّصْرَانِيَّةِ الْبُولِسِيَّةِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْعَهْدَ الْجَدِيدَ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ قِسِّيسٌ مِنْ طَائِفَةِ الرُّومِ الْأُرْثُوذُكْسِ اسْمُهُ (خِرِيسْتُوفُورَسْ جُبَارَهْ) كَانَ بِرُتْبَةِ أَرَشْمِنْدِرِيتْ، وَكَادَ يَكُونُ مُطْرَانًا، فَخَلَعَ ثَوْبَ (الْكَهَنُوتِ) وَطَفِقَ يَدْعُو إِلَى التَّأْلِيفِ، وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ، وَيَقُولُ بِعَدَمِ التَّنَافِي بَيْنَهُمَا، وَيُؤَلِّفُ الْكُتُبَ فِي ذَلِكَ، يُثْبِتُ فِيهَا التَّوْحِيدَ وَصِدْقَ الْقُرْآنِ، وَنُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَعَ صِحَّةِ الْأَنَاجِيلِ وَتَطْبِيقِهَا عَلَى الْقُرْآنِ، وَلَكِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُؤَلِّفَ حِزْبًا، وَإِنَّنِي أَعْتَقِدُ أَنَّهُ كَانَ مُخْلِصًا فِي عَمَلِهِ، وَكَانَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ يُحْسِنُ الظَّنَّ فِيهِ أَيْضًا، وَيَرَى أَنَّ دَعْوَتَهُ لَا تَخْلُو مِنْ فَائِدَةٍ، وَتَمْهِيدٍ لِلتَّأْلِيفِ بَيْنَ النَّاسِ، وَظُهُورِ دِينِ الْحَقِّ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ دِينُ مُحَمَّدٍ وَدِينُ الْمَسِيحِ وَدِينُ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلَكِنَّ الْمُحَالَ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ دِينِ الْقُرْآنِ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، وَبَيْنَ الدِّيَانَةِ الْبُولِسِيَّةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ وَاحِدٌ حَقِيقَةً، وَالْوَاحِدَ ثَلَاثَةٌ حَقِيقِيَّةٌ، وَعَلَى عَقِيدَةِ الصَّلْبِ وَالْفِدَاءِ الْوَثَنِيَّةِ، وَكَيْفَ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالتَّثْلِيثِ، وَبَيْنَ عَقِيدَةِ نَجَاةِ الْإِنْسَانِ وَسَعَادَتِهِ بِعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ، وَعَقِيدَةِ نَجَاتِهِ بِإِيمَانِهِ بِلَعْنِ رَبِّهِ لِنَفْسِهِ، وَتَعْذِيبِهِ إِيَّاهَا عَنْ عَبِيدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لِرَبِّهِ مُرَادُهُ مِنْ ذَلِكَ.
إِلَّا أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْجَامِعُ الْمُؤَلِّفُ، وَلَكِنْ تَرَكَ دَعْوَتَهُ الْمُنْتَمُونَ إِلَيْهِ، فَكَيْفَ يَسْتَجِيبُ لَهُ الْمُخَالِفُ؟ فَدِينُ التَّوْحِيدِ وَالتَّأْلِيفِ لَا يَقُومُ بِدَعْوَتِهِ أَحَدٌ، وَلَا يَحْمِي دُعَاتَهُ أَحَدٌ، وَلَا يَبْذُلُ لَهُ الْمَالَ لِهِدَايَةِ النَّاسِ أَحَدٌ، وَدِينُ التَّعْدِيدِ وَالْفِدَاءِ تُبْذَلُ لَهُ الْقَنَاطِيرُ الْمُقَنْطَرَةُ مِنَ الدَّنَانِيرِ، وَيُسْتَأْجَرُ لِدَعْوَتِهِ الْأُلُوفُ مِنَ الْمُجَادِلِينَ وَالْعَامِلِينَ، وَتَحْمِيهِمُ الدُّوَلُ الْقَوِيَّةُ بِالْمَدَافِعِ وَالْأَسَاطِيلِ. عَلَى أَنَّنَالآنيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ، فَكَمَا وَفَّقَ لِتَأْلِيفِ جَمَاعَةِ الدَّعْوَةِ وَالْإِرْشَادِ، فَهُوَ الَّذِي يُوَفِّقُ لِمُسَاعَدَتِهَا مَنْ أَرَادَ، وَاللهُ خَلَقَنَا مِنْ ضَعْفٍ، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً، وَمَا هِيَ إِلَّا أَنْ يَسْتَيْقِظَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ رَقْدَتِهِمْ، وَيَتَنَبَّهُوا مِنْ غَفْلَتِهِمْ، وَيَعْرِفُوا الْغَرَضَ مِنْ حِرْصِ الْإِفْرِنْجِ عَلَى تَنْصِيرِهِمْ، وَأَنَّ أَوَّلَ بَلَايَا دَعْوَتِهِمْ، وَمَا يَنْشُرُونَ مِنْ صُحُفِهِمْ وَكُتُبِهِمْ، وَيُنْشِئُونَ مِنْ مَدَارِسِهِمْ وَمُسْتَشْفَيَاتِهِمْ، هُوَ إِبْطَالُ ثِقَةِ الْمُسْلِمِينَ بِدِينِهِمْ، وَحَلُّ الرَّابِطَةِ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ أَفْرَادِهِمْ وَشُعُوبِهِمْ حَتَّى يَكُونُوا طُعْمَةً لِلطَّامِعِينَ، بَلْ عَبِيدًا لِلطَّامِعِينَ، فَإِذَا انْتَبَهُوا وَفَقِهُوا عَرَفُوا كَيْفَ يَحْفَظُونَ أَنْفُسَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ بِحِفْظِ دِينِهِمْ، وَتَوْثِيقِ رَابِطَتِهِ بَيْنَهُمْ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الْجَمْعِيَّاتِ وَالْمُسْتَشْفَيَاتِ الَّتِي تُنْشِئُهَا جَمْعِيَّاتُ التَّغْرِيرِ بِالتَّبْشِيرِ لِهَدْمِ الْإِسْلَامِ، بِإِنْشَاءِ خَيْرٍ مِنْهَا لِإِعْلَاءِ مَنَارِ الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ دِينُ الْعَقْلِ وَالْعِرْفَانِ، وَالْعَدْلِ وَالْعُمْرَانِ، الَّذِي أَكْمَلَ اللهُ بِهِ دِينَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَيَجْذِبُونَ إِلَيْهِ مَنْ فِي بِلَادِ أِمِرِيكَةَ وَأُورُبَّةَ مِنَ الْمُسْتَقِلِّينَ الْأَحْرَارِ حَتَّى تَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.